ashek el horrya مشرف
عدد المساهمات : 1129 نقاط : 59978 تاريخ التسجيل : 15/12/2008 العمر : 35 بلدك : الابراج :
| موضوع: لو كنت رجلا أسأل (الدوره) السبت أكتوبر 17, 2009 5:05 pm | |
| لا سبب ولا داعي إطلاقًا يدعونا للشك في صدق نفي وزارة الداخلية خبر موت المواطن الفلسطيني «يوسف أبو زهري» شقيق المتحدث باسم حركة حماس الأسبوع الماضي في أحد سجوننا التي سوف نباهي بها الشياطين الزرق يوم القيامة إن شاء الله، متأثرًا بإصابات ناجمة عن تعذيب وحشي تعرض له علي مدي 6 أشهر كاملة بعدما تم اعتقاله متلبسا بدخول أرض مصر بدون ما مصر نفسها تنطق وتقوله اتفضل يا يوسف اشرب شاي معانا، وقد توهم المرحوم يوسف (غالبًا) أنه يتمتع بما يتمتع به الأصدقاء الإسرائيليون الذين يرتعون ويبرطعون ويسرحون براحتهم في سيناء من أدناها لأقصاها وأن غاية ما سيحدث له إذا اتقفش وتبين أنه ليس صهيونيًّا ولا إسرائيليًّا بل عربي فلسطيني أن يتم توقيفه وإعادته من حيث أتي فقط وليس نقله للآخرة.
ومع ذلك فالدليل علي صدق نفي وزارة الداخلية موت أبو زهري بسبب التعذيب ليس دليلاً واحدًا ولا عشرة بل مائة ألف دليل علي الأقل، يحضرني منها الآن أن أي حمار في هذه الدنيا الواسعة يعلم علم اليقين أن السجون والمعتقلات ومراكز الشرطة التي تزين وجه الست مصر حاليًا وفي هذه المرحلة التاريخية الدقيقة لا علاقة لها بالسلخانات ولا تشبه من قريب أو بعيد معسكرات المحرقة النازية وإنما هي بالعكس مؤسسات وصروح حضارية وتثقيفية تفيض بآيات الفن والإبداع الجميل حتي يظن الناظر إليها (ووكيل المدرسة أيضًا) أنها ربما كانت دورًا للأوبرا وليست أي شيء آخر، ويعزز هذا الظن تلك العروض الرائعة التي تشهدها مسارحها علي مدار الساعة ويشارك فيها آلاف المصريين المحظوظين الذين يمرون سنويًّا عليها وهي عروض تتنوع عادة ما بين لوحات الرقص التوقيعي «الكهربائي» المحموم الناجم عن توصيل التيار مجانًا إلي أبدان النزلاء وكذلك عروض الشبح والضرب فضلاً عن استعراض «الفرفرة الدموية» المشهور برقصة «الموت البطيء» التي يرقصها الزبون مضطرا علي أنغام صوت تكسير عظامه.
غير أن وزارة الداخلية ربما لا تحتاج إلي التذكير بأي من كل تلك الأدلة التي رصدنا في السطور السابقة عينة منها لكي تبرئ ساحتها من المسئولية عن موت يوسف أبو زهري في سجونها، إذ إن الواقعة نفسها تحمل في تفاصيلها وبين طيات ملابسها أنصع وأقوي أدلة البراءة، فعلي رغم أن هذا الرجل الميت لم يتجاوز عمره الأربعين عامًا فإننا مجبرون علي تصديق الباشا المتحدث باسم الوزارة ثم معالي الوزير شخصيًا عندما قالا إن يوسف مات متأثرا بمضاعفات «كوكتيل» أمراض خطيرة كان مصابًا بها في قلبه وكبده وكليته وقد أدت جميعا إلي هبوط حاد ومفاجئ في الدورة الدموية.. وطبعًا يستطيع أي واحد أن يسأل هذه الأخيرة بأدب إن كانت هبطت فجأة أم لا، ولأن «الدورة» هذه آنسة مهذبة ومتربية وبنت ناس فهي ستعترف بالحقيقة فورًا ولن تتردد قبل أن ترد ببجاحة قائلة: أيوه هبطت فجأة.. ليك شوق في حاجة يا أخ؟!
عندئذ سيسكت الأخ ويخرس خالص وسيبقي مقتنعًا بأن السجون المصرية هي أفضل مأوي لمرضي القلب والكلي والكبد وهي السبيل الأقرب والأقصر لبلوغ الراحة الأبدية.. ولاحول ولا قوة إلا بالله. | |
|