قصة إستوحاش آدم عليه السلام في الجنة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... بسم الله الرحمن الرحيم ... الحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ... سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ... والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ... ثم أما بعد ...
روى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حديثا يقول : بينما آدم – عليه السلام – في الجنة , إذ إستوحش , فبينما هو نائم , إذ خلق الله من ضلعه حواء , فلما إستيقظ ورآها ,
قال أبونا آدم عليه السلام : من أنتِ ؟
فقالت أمنا السيدة حواء رضي الله عنها : إمرأة .
فقال أبونا آدم عليه السلام : وما إسمكِ ؟
فقالت أمنا السيدة حواء رضي الله عنها : إسمي حواء .
فقال أبونا آدم عليه السلام : ولمَ خلقتِ ؟
فقالت أمنا السيدة حواء رضي الله عنها : لأكونَ سكنا لكَ .
أو كما ورد في الحديث الشريف .
عندما سمعت هذا الحديث لأول مرة في حياتي , سمعته من أحد الدعاة إلى الله عز وجل , وقام هذا الداعية بشرح الحديث , والوقوف على معانيه , وإستخراج ما فيه من فوائد وخواطر يمكن الإنتفاع بها .
فلما سمعت منه خواطره حول معاني الحديث , لم أستطع المقاومة , وقررت كتابة كل ما قاله , وتدوينه , ومحاولة نشره وعرضه على الآخرين .
فلنعد قراءة الحديث مرة أخرى , مع إضافة الخواطر عليها :
( بينما آدم – عليه السلام – في الجنة , إذ إستوحش ) وقف بعض الدعاة عند هذا المقطع بعض الوقفات , ليتساءلوا :
يا ترى , ما الذي يجعل آدم عليه السلام يستوحش في الجنة ؟
وكانت إجابة هذا السؤال , خاطرة رائعة جدا , لأن هذا يعتبر بمثابة رفع عالي جدا لقدر أمنا السيدة حواء ( ورفع قدر أي حواء ) إذ وضح من الحديث أن الحياة بدونها ولو كانت في الجنة , فسوف تكون حياة موحشة , وكأننا نقول : أنه لا حياة بلا تواجد للإثنين معا .
( فبينما هو نائم ,إذ خلق الله من ضلعه حواء ) وقف بعض الدعاة عند هذا المقطع بعض الوقفات . ليتساءلوا :
يا ترى , لماذا خلقها الله من ضلعه وهو نائم ؟
وكانت إجابة السؤال , أيضا خاطرة رائعة جدا , إذ قالوا : أن آدم ( وكل آدم ) , إذا تألم من شيء , فإنه يكره المصدر المتسبب في هذا الألم , فلو أنه كان مستيقظا , ورآها وهي تخرج من ضلعه , وأحس بالألم الناتج من هذا , لكرهها , لأنها تسببت له في الألم .
بينما حواء ( وكل حواء ) , تحمل وتلد وهي مستيقظة , ولا يزيدها الألم إلا حنانا ورحمة , وكأن كل من آدم وحواء كل منهما يغلق فجوة موجودة في الآخر .
ثم تساءلوا :
ياترى , ما هو الضلع الذي خلقت منه حواء ؟
ذكر الأستاذ عمر خالد في برنامج ونلقى الأحبة ( حلقات الأسر السعيدة ) أنه ورد أن حواء خلقت من الضلع المقابل لقلب الرجل , فلو نظرنا إلى ضلوع القفص الصدري , لوجدنا أحد هذه الضلوع , مقابل للقلب تماما , ليذكر الأستاذ عمرو خالد في هذه النقطة خاطرة رائعة ,
إذ قال : سبحان الله ! لقد خلق الله أبونا آدم عليه السلام من التراب , لأنه سيتعامل مع التراب , وخلق أمنا السيدة حواء رضي الله عنها من الضلع الحامي للقلب , لأنها ستتعامل مع هذا القلب , وكأن الله يوضح لكل منهما الوظيفة الأساسية له , فأبونا آدم عليه السلام ( وكل آدم في هذه الدنيا ) عليه الكد والكدح حتى يحصل على ما ينفق به على أسرته , وينال القوامة بحمل هذه المسئولية , وأمنا السيدة حواء رضي الله عنها ( وكل حواء على وجه الأرض ) , عليها تكوين الجو المناسب للطمأنينة والإرتياح النفسي والعقلي والوجداني , هذا الجو الذي يساهم في صناعة الرجل وعظمته لتصبح بحق هي المجتمع كله , فهي نصف المجتمع بحكم أنها واحد من الجنسين ( الذكر والأنثى ) , وهي أيضا النصف الآخر , بحكم أنها صانعته ومربيته وحاضنته .
وهذا يتبين جليا في آخر الحديث , عندما
قال أبونا آدم عليه السلام : ولمَ خلقتِ ؟
فقالت أمنا السيدة حواء رضي الله عنها : لأكونَ سكناً لكَ .
وليس معنى هذا , نكران عمل المرأة , ليس هذا هو المقصد نهائيا , ولكن المقصد , هو إيضاح أولويات الرجل وأولويات المرأة , وتوضيح الهدف الأول لكل منهما , ثم تأتي بعد ذلك بقية الأهداف تباعا ... والله تعالى أعلم .