عمل اجتماعي نقدي عظيم نشرعام 1964 ويحمل كل الواقعية (المباشرة) والرمزية (اللامباشرة). والرواية هي قصة بحث صابر عن أبيه والذي يبدأ (البحث ) يوم وفاة أمه الراقصة ((بسيمة عمران )) والتي عودته طيله حياته على الاتكال عليها دائما ، ماتت وكانت وصيتها له بالبحث عن أبيه للاتكال عليه حيث سيجد عند أبيه الذي تركته منذ ثلاثين عاما كل الكرم والمال وسيشيل عنه الهموم والمتاعب، ولذا يترك صابر الاسكندرية ليبحث عن والده في القاهرة وكل مايعرفه عنه هو اسمه (سيّد سيّد الرحيمي ) هذا الاسم الذي يحمل معاني السيادة والرحمة بشكل يجعل رمزيته في غاية الوضوح ، وكانت هذه أسئلة صابر الوجودية عن أبيه في حواره الاخير مع أمه :
هل أضيع عمري بالبحث عن شيء قبل التأكد من وجوده .
لكنك لن تتأكد من وجوده الا بالبحث
هل هو يا ترى يستحق كل هذا التعب
بلا أدنى شك يا بني فستجد في كنفه الاحترام والكرامة وسيحررك من ذل الحاجة لأي مخلوق فتظفر أخر الأمر بالسلم .
وكانت طريق صابر في البحث : البحث في دليل التلفونات ، سؤال مشايخ الحارات ، اعلان سخيف في الجريدة ولكن العمل الجاد شيء لا يفعله صابر أبدا فقط هو يتساءل بحيرة لماذا لم يلب الأب نداء الابن ويبحث عنه؟؟؟؟
يتعرف صابر بالهام التي تعمل في الجريدة التي وضع بها الاعلان والهام مثل صابر تركها أبوها ولكن بدل أن تضيع وقتها بالبحث وقالت:" إن العمل هو الذي يحل مشكلتنا"، وادركت أن الخلاص يكون بالمشاركة الانسانية الواعية في صياغة الحياة ومع جدية إلهام نجد أباها يستيقظ من جحوده ويعود إليهم …
وفي مقابل علاقة صابرمع إلهام التي تطرح إمكانية التغيير والتطور من حتمية الكسل والتواكل التي تسيطر على صابر يتعرف صابر على كريمة زوجة صاحب الفندق الذي يقيم فيه في القاهرة وتخون كريمة زوجها العجوز مع صابر ويقرر صابر أنه قد يجد حلا سهلا لمشكلته بقتل الزوج ليحظى بالمتعة والمال ويتخلص من البحث عن أبيه وبذلك تستمر حياته القائمة على التبّطل واللامسؤولية .
في النهاية يتم القبض على صابر بعد قتله صاحب الفندق الشيخ خليل ومن ثم قتله لكريمه بعد أن شك في خيانتها له ورغم أنه تخلى عن إلهام فإنها لم تتخلى عنه وارسلت محاميا للدفاع عنه ،ويموت صابر بالإعدام ولكن صابر يضع اللوم على أبيه في كل شيء.
إن ما ينقضه محفوظ هنا ويوجه السهام إليه هو تصوّر الدين بأنه علاقة نفعيه خالصة ودون أن يفعل الانسان ما شيء ليستحق ما يريد أن يأخذه ، وهذا يشكل نقد تقدمي لمحفوظ عن العلاقة مع الله : فالانسان حر ومسؤول وليس انتظارعليه معجزة من الله بل عليه انتظارها من نفسه وما من معجزة حقيقية من الله للانسان إلا أنه أعطى الانسان القدرة على أن يصنع المعجزات.