استيقظت اليوم فى الساعه التاسعه والنصف , وبعد الطقوس المعتاده من افطار وغيره قمت بتغيير ملابسى وخرجت متجها الى الجامعه لاقابل أصدقائى الاعزاء الذين يأخذون التربيه العسكريه حاليا فى الجامعه.
ذهبت بالفعل الى هناك بالقرب من كلية الهندسة لأجد ما يقرب من ثلاثمائة شخص كلهم يرتدون نفس الزى (قميص ازرق وكاب ازرق وبنطلون ازرق) فكأننى ببحر هائج من الاشخاص يقفون امامى بلا حراك تحت قرص الشمس الملتهب فى حرارة لا تقل عن ثمانية وثلاثون درجه.
جلست بالقرب منهم تحت شجرة استظل بظلها بينما هم يحترقون امامى, وظللت اقلب فى الوجوه من بعيد لكى ارى اى من اصدقائى فإذا بشخص يلوح بيده الى وقد كان احمد عبدالغفار(صاحب احسن اخلاق فى الحفله) ولمحت بجواره شخص عابس الوجه مكفهر الملامح يكاد ينفجر من الغضب وحرارة الشمس فإذا به احمد عويس , ولم استطع ان اجد باقى اصدقائى فجلست اراقب تمريناتهم الممتعه(بصراحه انا الوحيد اللى كنت مستمتع بيها )
جلست اراقب العقيد (وللا اللواء وللا ايه مش عارف) يعلمهم كيف يؤدون حركة صفا وانتباه ولليمين در والشمال در, كدت ان اموت من الضحك بينما هو يعلمهم فرد فرد وهم لا يستيجيبون له وكانهم أطفال رضع أو مجموعه من المتأخرين عقليا , عندما يقول للشمال در يتجه الفتى لليمين والعكس.
المهم انتهى الطابور وذهبت لاجد اصدقائى فإذا بأحمد عبدالغفار يقابلنى غاضبا (بس كان بيبتسم برده) ويقول لى "عليا النعمه دول طلعوا بهدلونا النهارده" , وإذا بشخص اخر يظهر فى الافق يرتدى زى الزبالين ذاته الازرق فى ازرق ويحمل حقيبة على كتفه كالتى يحملها محصل النور ويلوح لى من بعيد ووجه ممتلئ سوادا من حرارة الشمس المحرقه , وعندما اقترب تبين لى انه خالد عبدالتواب. قابلنى مبتسما مهللا وجلس ليندب حظه الذى اوقعه فى مثل هذه الدورة اللعينه التى "بهدلتهم وطلعت عينهم" . بعد ذلك سألته عن باقى الزملاء فقال لى " ماحدش شايف قدامه اكيد كل واحد فيهم شافله حته ظل يقعد فيها دول كفرانيين من الصبح" . وبالفعل نظرت حولى فوجدت احمد عبدالواحد يسر بجوار الرصيف منكسر الهمة مدلل الرأس عابس الوجه , وعندما حاولت ان اسلم عليه قال لى " ابعد عنى يابن المحظوظه يالى اخدت الدورة دى فى الدراسه واحنا مطلعين .......ابونا" , ونظرت خلفى لاجد شخصا يكاد يزحف على الارض من التعب فإذا به مصطفى صلاح الذى قال لى " والله العظيم لسه كنت بشتمك " (ودا طبعا لاننى اخدت الدورة فى الشتاء والجو جميل وكنا مش بنعمل لا طوابير ولا بتاع) , والتفت يسارا لاجد احمد رمضان يسير "متنحا" لا ينظر حوله ويلبس الكاب بالمقلوب ولا يكلم احدا , فناديت علهي مرارا وتكرارا ولم يجب , كان كالذى منوم مغناطيسيا , فجذبته من ذراعه فقال لى ببرود" ايه فى ايه , انت مين؟" فتأكدت انه على اعتاب ضربة شمس قد تودى بحياته , وبينما انا اتركه صاح كالاسد الجريح" حسبى الله ونعم الوكيل , دا يرضى مين دا يارب , يارب ارحمنا يارب " وجعل يردد" الله حى الطوفان جاى ...الله حى الطوفان جاااى... الله حى الطوفان جاااااااى" وتركنا وذهب بعيدا, ذكرنى بالشيخ درويش فى زقاق المدق.
ذهبنا جميعا الى قطعه ظليله تحت شجره من الاشجار ليستريحوا من هول ما رأوا , وإذا بشخص يلوح فى الافق مهندم الملابس ,مسرح الشعر, يحمل شنطه فى يده ويمشى مبتسما ولا على باله, محمد حسام , الذى جاء متأخرا ولم يحضر الطابور ليجد اصدقائه "مبهدلين وتعبانين وخلصانين" فظل يضحك حتى كاد ان يغمى عليه و ظل يحمد الله على استيقاظه متأخرا (وخصوصا انهم لم يكونوا قد أخذوا الغياب بعد) فطارده خالد مغتاظا وأقسم بأنه سوف"يفتن عليه" ويقول أنه جاء متأخرا , ونظر اليه احمد رمضان وقال " الله حى الطوفان جاااااااى ......الله حى الطوفان جااااااى"
بصراحه صعبوا عليا جدا جدا, وحينما اقترحت ان نذهب الى اى مكان نستريح ونشرب "حاجه ساقعه" نظروا الى والغضب والغيظ "ينط ويفط" من عيونهم مجيبين بأنه "لسه عندهم محاضره وطابور كمان" فإنفجرت ضاحكا وتركتهم وذهبت انا الى اقلاب سيبر لأكتب لكم هذا الموضوع لأطلب منكم طلب : ارجوكم ادعوا لهم ربنا يسهلهم لان فاضل لسه 13 يوم من هذا العذاب المتواصل , يستيقظون فى السادسه ويذهبون الى بيوتهم فى الثالثه
مره اخرى : ادعوا لهم , ورساله من احمد رمضان " الله حى الطوفان جاى ...... الله حاى الطوفان جاى ...... الله حى الطوفان جاااااااااااااااااااى"
كان معكم مراسل الكلية اليوم من الحرم الجامعى
عمرو عبدالعال