العلاقات التي تسود بين الطلبة الجامعيين أصبحت ظاهرة مقلقة في السنوات الأخيرة يشوبها التردد وعدم القناعة في النوايا الحسنة.
والشائع بين الفتيات أنها علاقات مصلحة ومرحلية تنتهي بسرعة, وأما الشباب فنادراً من فيهم تسمح له ظروفه الاستمرار بعلاقاته الجامعية وبخاصة علاقات الحب أو الارتباط.
وعليه نسأل: أيهما تستمر أكثر علاقات الحب أم علاقة الصداقة هذا ما توجهنا به إلى شريحة من الشباب الجامعي في سنوات مختلفة وكانت الآراء متناقضة.
فمنهم من أيد فكرة استمرار علاقة الحب ولاسيما التي تبنى على أسس صحيحة ومشاعر صادقة والبعض قال إنها فترة محدودة بسنوات الدراسة و هي علاقة بدأت ببدايتها وسوف تنتهي بنهايتها.
طالبة في احد الاقسام سنة ثانية قالت: عندما كنا في المدرسة كانت الصداقات أعمق وأفضل ورفيقتي مثل أختي, بل هي أكثر من أختي في بعض الأحيان, تدخل حتى بمشكلات العائلة وتقف إلى جانبي في كثير من المواقف.
أما العلاقات في الجامعة لا تتجاوز أنها علاقات دراسة وهي سطحية بشكل كبير, ولا يمكن أن أخرج بصداقة من داخل الجامعة, وتتابع: صديقتي التي ترينها معي هي بالأساس صديقة من أيام المدرسة وبقينا معاً حتى في الجامعة مع أنها تدرس في فرع مختلف.
وقد حاولت هنا تكوين صداقات لكن المصلحة كانت طاغية, حتى التجارب العاطفية لم تحدث معي ولاحظت أن الشباب في الجامعة (شايفين حالهم ومتكبرين) مع أن دراستهم عادية ومستواهم العلمي أو الاجتماعي عادي جداً, ومع ذلك يحاول إظهار نفسه بمظهر مختلف فيه الكثير من الغرور.
وعن سؤال بم تختلف العلاقات داخل الجامعة عن غيرها وهل تستمر علاقات الحب قالت احدى الطالبات وهي سنة ثالثة: تختلف العلاقات في الجامعة عما كانت عليه في سن المراهقة, هنا الشباب أكثر وعياً ولكن أن تستمر, لا أتوقع ذلك مطلقاً..
وهناك مسألة نحن نعاني منها في الجامعة في علاقاتنا مع الشباب, نأخذ نحن العلاقة معهم من باب الصداقة والتعاون العلمي, وهم يحاولون تطويرها إلى علاقة عاطفية, وتتكرر هذه المسألة فيحدث خلاف, ومعظم الشباب لا يريد علاقة زمالة قائمة على الاحترام, فهو يأتي ويتعرف ثم يتقرب ويطلب المحاضرات أو النوط والكتب وإذا لم تعطه الفتاة ريقاً جميلاً ينهي هذا الأمر فوراً.
لذلك لا اعتقد أبداً بوجود علاقات حب خالصة في الجامعة وكل ما هو موجود علاقات مصالح مؤقتة, قد يكون السبب يتعلق بالبيئة الاجتماعية التي يخرج منها هذا الشاب, أو الكبت الذي كان يعانيه خلال فترة المراهقة وعدم وجود علاقات سابقة مع الجنس الآخر.
فعندما يأتون إلى الجامعة ويجدون أعداداً كبيرة من البنات أمامهم, أول ما يفعلونه وقبل الدراسة هو محاولة تفريغ هذا الكبت, وأكثر ما نعاني ذلك خلال السنوات الثلاث الأولى, لكن يخف هذا الأمر لدى طلاب السنة الرابعة نتيجة التجارب المتعددة وزيادة الوعي والانفتاح لديهم.
وأقول لك نادراً جداً أن تنتهي علاقة حب حدثت في الجامعة برباط الزواج, الأغلبية لا تستمر علاقاتهم على الرغم من أنها تبدو عميقة وكبيرة, وحتى علاقات الصداقة لا تستمر, والسبب أن الشاب في مجتمعنا العربي ككل لديه نظرته المختلفة تجاه هذا الأمر.
وتوقفنا مع مجموعة من طالبات السنة الرابعة فقالت احد الطالبات: بالنسبة لي خرجت من الجامعة بعلاقات أخوة وليس صداقة فقط, لكنني لا أؤمن بالصداقة بين الشاب والفتاة لا في الجامعة ولا في غيرها.
والشائع والأغلب أن الشباب يتركون البنات اللواتي ينشئون معهن علاقات حب في الجامعة والشاب يتزوج من غير التي أحبها فهو يعتبر نفسه يعيش مرحلة المراهقة والتجارب, أما الوضع بالنسبة للفتاة فهو مختلف إذ إنها أكثر نضجاً وتبحث عن شخص مناسب وتفضل الزواج ممن هو أكثر استقراراً من الطالب.
وتقول رفيقتها: إن الشاب يترك الفتاة التي أحبها في الجامعة ويذهب إلى غيرها ليتزوج بها وذلك بحس غريزته الشرقية لديه قناعة أنها حكت معه سوف تحكي مع غيره ومشت معه وأيدته في بعض الأمور فهي ستكون كذلك مع غيره وهكذا.
ونحن شايفين العلاقات هنا كيف تنتهي, وبالتالي هو يجد نفسه مضطرا للزواج من خارج الجامعة حتى لو كان لا يعرف شيئاً عن فتاته الجديدة التي سيتزوجها.وطبعاً هناك حالات شواذ قد تتطور العلاقة إلى زواج سري ولكنها أيضاً تنتهي بالفشل وهذا أمر طبيعي, لأن كلمة سر تعني أن هناك خطأ تخفيه وكل خطأ ينتهي بالخطأ والفشل.
صعوبة الواقع
احد الشباب المتخرجين قال: العلاقات الاجتماعية الموجودة بالجامعة لا يمكن وجودها بأي مكان آخر فالجو المحيط هنا خارج عن القيود الاجتماعية وهذا بدوره يجعل الطلاب هنا يتفاعلون أكثر بالعلاقات ويكتسبون نوعاً من الخبرات في الحياة, فالجامعة ليست للدراسة فقط, فالحياة الاجتماعية والثقافية أفضل ما فيها.
ومن الممكن أن تنشأ علاقات حب بين الشاب والفتاة, ولكن قد تستمر بنسبة 1% والسبب الفراغ العاطفي يدفعهم ليعتقدوا أنهم سوف يستمرون بعلاقتهم تلك إلى ما بعد التخرج وحسب رأيي هذه العلاقة مصيرها الفشل لأن الظروف الاجتماعية والعملية التي سيقف أمامها الشاب عاجزاً بعد تخرجه (خدمة العلم -ايجاد عمل -ومسكن..) والتي تجعله ينسى علاقته ويبعد فكرة الزواج تماماً لأجل غير مسمى.
أما زميله فيقول: إن نسبة نجاح تلك العلاقات 10% , وأضاف أن العلاقات الاجتماعية في الجامعة أكبر من أن تكون علاقة حب أو علاقة صداقة, تصبح علاقة بشر, إنسان لإنسان نتعرف على بعضنا البعض ونختلف مع بعض وتتلاشى تلك الخلافات عند التخرج وكأن شىئاً لم يكن وبما فيه الحب.
وهذا ما أكده لي سابقاً أثناء دراستي الثانوية أستاذي عندما قال لنا إننا سندخل عالماً مختلفاً, عالماً نعيشه لا يشبه العالم الخارجي.
وبالفعل هذا الذي يشعر به الطالب عند تخرجه وكأنه كان خارج بلده لمدة أربع سنوات وهي (أبسط عبارة يمكن قولها) مرحلة تناسب بلداً آخر.
وبالرغم من مساحة الحرية التي نعيشها أرى أن كل شيء له ضوابط وحدود ولنا التزاماتنا بالدين وبقواعد معينة اجتماعية ولنا اسلوبنا في المجتمع وبما فيه علاقات الحب حتى لو كنا ننتقد العديد من الأساليب الخاطئة الموجودة في مجتمعنا.
إلا أن لدينا مبادىء لا يمكن التغاضي عنها وتجاهلها, لأنها هي التي تميز مجتمعنا وأرى أن هناك حدوداً لعلاقات الحب بين الشاب والفتاة, وتطورها, وإن وجدت لا يمكننا التعميم وعلاقات الحب الصادقة إن وجدت لها الظروف المساعدة لها قد تستمر فيما بعد الجامعة بنسبة قليلة.
نقطة ضعف الفتيان
ويرى طلبة السنة الثالثة: أن الصداقة تستمر فيما بعد الجامعة,أما علاقة الحب وحسب التجربة فلا تستمر والسبب هي الفتاة وليس الشباب كما هو شائع بأن الشاب هو الذي يتخلى عن الفتاة فعلى العكس قد تتعرض الفتاة في السنوات الأولى لحالة من الاحباط بسبب (أوضاع دراسية - أو اجتماعية -نفسية..) وربما توضع أمام خيارات مادية ومباشرة تتخلى عن علاقتها بزميلها وتقبل بالزواج من أي شاب يطرق بابها أوضاعه المادية جيدة, وهذه نقطة ضعف بالنسبة لها.
الحب من النظرة الأولى يفشل
وتقول احد الطالبات: هناك الكثير من العلاقات تنشأ بين الشاب والفتاة منذ اللحظة الأولى وخاصة إذا كانت في السنة الأولى وهذه العلاقات مصيرها الفشل ولن تستمر إلى ما بعد التخرج.
وتقول: هناك علاقة حب حصلت في السنة الأولى وقد تزوجوا ولكنها لم تستمر ففي السنة الثانية تم الطلاق والسبب يكون في الاختيار الذي يعتمد على العاطفة والمشاعر فقط, ولا يكون لتحكيم العقل دور في هذه الحالة.
أما الصداقة ربما تستمر وتتطور فيما بعد إلى علاقة حب.
وتؤيدها طالبة اخرى بقولها: 90% من علاقات الحب في الجامعة لا تستمر لأنها تكون خلال فترة دراسية (4-5) سنوات وبحكم التواجد اليومي مع بعض يسبب نوعا من الاعتياد يظنون أنها مشاعر حب غير مدركين لمستقبلهم القادم.
وتطور تلك العلاقة يعود إلى عدم الوعي ولاسيما للشباب والفتيات القادمين من بيئات مختلفة ومحافظة ويعيشون نوعاً من الكبت وعدم النضوج, ويدخلون الجامعة ويجدون أنفسهم في مطلق الحرية, وتكون تصرفاتهم غير محسوبة وليست صحيحة لا أحد مسؤول عنهم, وتعتقد الفتاة بأن تصرفاتها تلك ستؤمن لها مستقبلها وفي النهاية هي التي تخسر ومصير العلاقة الفشل.
لأننا نقول نحن منفتحين في الأمور المتخلفة بمعنى أنا منفتح ويجب أن أحقق كل شيء, بكلمة (عادي), فجيل الشباب لا يعي معنى كلمة (التفتح) فقط يطبقها على الأمور التي اعتبرها (غلط).
عدم الانسجام
أما احد الشباب فيعزو سبب فشل علاقة الحب إن وجدت إلى عدم الانسجام بين الشريكين, بحيث يظهرون أفضل صفاتهم في بداية تعارفهم, ومع مرور الوقت يظهر كل واحد منهم على صفاته الطبيعية وبالتالي تفشل العلاقة وقد تنقطع بمنتصف الطريق أو بنهايته أي عند التخرج.
وهناك العديد من علاقات الصداقة الجميلة استمرت وانتهت بالزواج.
سورى طولت عليكم