صدقوني أنني أحب أن أكون مشهوراً، وأقول ذلك من كل قلبي أن يعرفني الرؤساء في أمريكا،
وأوكرانيا، والصين، وأنغوليا، وسويسرا!
أتمنى أن يتحدث عني الناس في الفضائيات، في الإنترنت، في الصحافة.
ما الذي يمنع أن يكون الإنسان مشهوراً، تنظر إليه كل العيون، وتسأل عنه كل النفوس؟
ما الذي يمنع أن يشار إليه بالبنان، أن تكتب عنه الصفحات، وتدبَّج في مسيرته القصائد؟
أنا شخصياً لا أرى أي مانع من ذلك، وإن كان لديكم جواب غير هذا فصوِّبوني فلربما كنت مخطئاً
كما كان يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- : رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا. وقوله: إن أخطأت
فصوبوني.
ولئن سألتموني تريد أن تكون مشهوراً مثل من؟ فسأقول: مثل عمر الفاروق - رضي الله عنه-!
عمر أيها الإخوة والأخوات. من ذا الذي لا يعرفه؟
ألم تصل أخباره إلى كسرى والروم، ألم يعرفه كل من في المدينة؟
ألم يعرفه الليل والنهار عندما قال لمعاوية بن خَديج عندما ظنه نائماً في النهار: بئس ما قلت
يا معاوية. لئن نمت النهار ضيعت رعيتي، ولئن نمت الليل ضيعت نفسي، فكيف بالنوم بين
هذين يا معاوية؟
أتمنى والله أن أكون مشهوراً كعمر.
مشهوراً في الليل بالصلاة والاستغفار حتى يخط الدمع خدَّاي القاسيتين.
وأتمنى أن أكون مشهوراً بالنهار أذلُّ نفسي في خدمة المسلمين،
وأحمل حاجاتهم على ظهري كما كان يحملها عمر.
أتمنى أن أكون مشهوراً كعمر.
يسأل عنه الهرمُزان - مندوب كسرى- فيجيبه العامي في سكك المدينة: ربما تجده تحت الشجرة!
نعم هو الخليفة الأكبر وأشهر رجل فيها بل في الدنيا، ولكنه رجل عادي جداً، ليس باحثاً عمن يجري
وراءه، ويتتبع أخباره، ليس ساكناً في مسكن عاجي بل من عامة الشعب يأكل مما يأكلون،
ويلبس مما يلبسون، ويعيش كما يعيشون.
أتمنى أن أكون مشهوراً كعمر.
مشهوراً بالعدل، حتى يقول أعدائي قبل أصدقائي: عدلت فأمنت فنمت.
أتمنى أن أكون مشهوراً كعمر .
لأسهم في الفقه الحضاري، وأخشى أن يسألني الله عن رمي الأوراق وإهمال النظافة، وتأخير
المواعيد، كما كان عمر يخاف سؤال الله عن البغلة لو عثرت في العراق، لم لَمْ يصلح لها الطريق!
أتمنى أن أكون مشهوراً كعمر.
لأتلقى كل الصدمات والانتقادات وأن يقال لي: أنَّا لك هذا؟ ولأجيب بَنَفس صادق عن كل شيء،
وأبدأ بأهلي وولدي كما كان عمر يفعل.
أتمنى أن أكون مشهوراً كعمر.
يسألني الرجل عن أناس غير مشهورين فأقول لهم ما قاله سيدي عمر: ما ضرك أن يكون ربُّ عمر
قد عرفهم ولم يعرفهم عمر!
فيا رب اجعلني وإخواني الشباب منهم